لماذا صمدت الدرّاجة الهوائية في خدمة الإنسان ما يزيد عن قرن ونصف دون أن يتجاوزها التطور؟ الجواب يكمن في آليتها البسيطة، توافقها مع ديناميكية الجسم البشري، الخدمات التي تقدمها، خفّتها وتأقلمها مع البيئة والأمكنة، يمكن أن تجتاز دروب صعبة والولوج من أماكن ضيقة وحملها لتجاوز عائق ما، كونها إقتصادية وصحية تحوّل الطاقة العضلية إلى حركة. فالدراجة تعتمد على أعظم اختراع عرفته البشرية وهو الدولاب، يقدّم الإنسان مجهوداً عضلياً وهو جالس، سانداً نصفه العُلوي إلى المقوَد، فتحولها العجلات إلى حركة خطية، ولولا الاحتكاك ومقاومة الهواء وتأثير الجاذبية لإستمرت الحركة إلى ما لا نهاية، يستعين الراكب بجسمه لإعطاء الدفع المطلوب عند الإنطلاق والصعود أوحفظ التوازن وعدم السقوط، الذي يصبح أسهل بازدياد السرعة، ليحصل بالمقابل على مردود جيد من حيث السرعة والمسافة، مع إمكانية نقل بعض الحمولة

بالعودة قليلاً إلى الوراء سنرى بإن فكرة الدرّاجة إلى العبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي، ليأتي الكونت الفرنسي دي سيفراك عام ١٧٩١، بعد ثلاثة قرون، بإختراع أول دراجة بدون دعسات ولا مقود، تعتمد في حركتها على الدفع بواسطة الأرجل بعد تثبيتها على الأرض، أخضعت الدراجة بعدها لسلسلة من التحسينات، أهمها اعتماد المقود والدواسة وإضافة مجموعة نقل الحركة. يفوق عدد الدراجات في العالم عدد السيارات بمقدار الضعف، فهي تنتشر حتى في أماكن نائية، خاصة في منطقة الشرق الأقصى حيث يشكّل اعتماد وسائل النقل الطبيعية وبالتالي البيئية جزءاً من الوعي الشعبي. وحتى في الغرب المتطور مازالت الدراجات الهوائية معتمدة كأداة لممارسة الرياضة والتنزه في الأرياف وألعاب الأطفال، حتى إنه في السنوات الأخيرة أصبح الطلب عليها أكثر من السيارات من قبل الشباب الذين يستعملونها في التنقل داخل المدينة أيضاً. ومع تطور علوم هندسة المواد يتم بإستمرار تقديم نماذج تعتمد على مواد أخف وأكثر مقاومة